بسم الله الرحمن الرحيم
كل عام وأنتم بخير وتقبل الله الصيام والقيام.
بعد سباق موناكو وكندا وفرنسا والنمسا فيرشتابن يقتنص فوزاُ غير متوقع في النمسا
مرسيدس بنز تخسر سباق النمسا بكارثة ثنائية نتيجة تغيير المحرك..!!
حصد سائق ريد بُل ماكس فيرشتابن الفوز في سباق جائزة النمسا الكبرى، الجولة التاسعة من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد، مستفيدًا من انسحاب سيارتَي مرسيدس.
حقّق فيرشتابن فوزه الرابع في مسيرته في الفورمولا واحد والأوّل في موسم 2018 إذ تغلّب على كيمي رايكونن بفارق 1.5 ثانية. وحلّ في المركز الثالث سيباستيان فيتيل بينما أحرز فريق هاس نتيجة مذهلة بتواجد سائقَيه رومان غروجان وكيفن ماغنوسن في المركزين الرابع والخامس على الترتيب.
مرسيدس التي بدأت هذه الجائزة الكبرى من الصفّ الأوّل على شبكة الانطلاق رأت نفسها مجبرةً على مشاهدة الانسحاب المزدوج للويس هاميلتون وفالتيري بوتاس. واضطر الأخير إلى الانسحاب باكرًا من السباق جرّاء مشكلة في علبة التروس بينما انسحب البريطاني في اللّفة 64 بعد خسارة طاقة محركه.
ولكن هاميلتون لم يكن يحتلّ الصدارة بل المركز الرابع وذلك بعد خطأ فريقه بإبقائه على أرض الحلبة وعدم الطلب منه الدخول لتغيير إطاراته رغم اعتماد نظام سيارة الأمان على غرار بقيّة السائقين الآخرين.
فيتيل الذي كان يتأخّر عن هاميلتون في ترتيب البطولة سيُغادر النمسا وهو يحتلّ الصدارة بفارق نقطة واحدة عن البريطاني.
المركز السادس كان من نصيب إستيبان أوكون الذي تقدّم على زميله سيرجيو بيريز.
فرناندو ألونسو الذي انطلق من منصة الصيانة أوصل سيارته إلى المركز الثامن أمام ثنائي ساوبر شارل لوكلير وماركوس إريكسون.
مجريات السباق:
حقّق رايكونن انطلاقة جيدة للغاية سمحت له بالتقدّم إلى المركز الثاني وراء هاميلتون الذي صعد إلى الصدارة منطلقًا من المركز الثاني. ولكن سائق فيراري لم يتمكّن من الحفاظ على مركزه بعد إغلاق مكابح سيارته على المنعطف الثالث حيث تجاوزه بوتاس ليستعيد المركز الثاني في حين نجح بعدها فيرشتابن بالتقدّم إلى المركز الثالث.
ومع بداية اللّفة الرابعة تواجد هاميلتون في الصدارة أمام بوتاس بفارق 1.4 ثانية، فيما تواجد فيرشتابن أمام رايكونن وريكاردو وفيتيل.
وقد اشتكى رايكونن من الحطام المتناثر على الحلبة عند المنعطف الثالث في الوقت الذي كان يتعرّض فيه لهجوم حاد من قبل ريكاردو الذي احتفل اليوم في النمسا بعيد ميلاده الـ 29.
ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ ثنائي مرسيدس وريد بُل تواجدوا على إطارات "سوبر سوفت"، بينما استخدم السائقون الآخرون ضمن العشرة الأوائل إطارات "ألترا سوفت".
ولسُخرية القدر تواجد ألونسو في المركز 18 بعد انطلاقه من منطقة الصيانة وراء برندون هارتلي الذي يستخدم محرك هوندا إذ قال الإسباني لفريقه "فكروا في الاستراتيجية أو شيء آخر كوني لن أقوم بـ 71 لفة في هذا المركز".
ألونسو لم ينتهِ من كلامه حتى انفجر محرك نيكو هلكنبرغ في اللّفة 13، وبعدها بلفة، اضطر بوتاس إلى الانسحاب بسبب مشكلة في علبة التروس.
ونتيجةً لذلك اعتمدت سيارة الأمان الافتراضية مع دخول سائقي الطليعة إلى منطقة الصيانة باستثناء هاميلتون الذي بقيّ على أرض الحلبة. وانتقل ثنائي ريد بُل وفيراري إلى إطارات الـ "سوفت".
***اءَل البعض حينها عن السبب الذي لم يدفع بمرسيدس إلى إدخال هاميلتون والحصول على توقف شبه مجاني. إذ اعترف الصانع الألماني بأنه أخطأ في الاستراتيجية.
ومع وصول السباق إلى لفته الـ 20، استطاع ريكاردو تجاوز رايكونن للتقدّم إلى المركز الثالث. وتوقف هاميلتون في اللّفة 26 إذ خرج في المركز الرابع وراء رايكونن.
وقد اشتكى ريكاردو من تدهور حالة إطاراته مع تقليص رايكونن للفارق بينهما إلى حوالى الثانية لحين نجاحه بتجاوزه في اللّفة 38. وقال الأسترالي "حالة إطاراتي باتت أسوأ الآن".
وبذلك قام ريكاردو بالتوقف بعدها مباشرةً، في حين تمكّن فيتيل من تجاوز هاميلتون في اللّفة 39. وقال هاميلتون "لا أفهم. لا أفهم. لن أتمكّن من تجاوز السيارات أمامي. لقد أهدرنا الفوز".
فردّ عليه جايمس فاولز "لويس. هنا جايمس. لقد أهدرتَ الفرصة اليوم، ولكنك تملك الفرصة لاستعادة تلك المراكز. نحن نثق بك". ولكن يبدو بأنّ إطارات هاميلتون لم تكن في أفضل حالاتها حيث تراجع خلف فيتيل إلى 2.9 ثانية بعدما كان قريبًا منه بفارق ثانية.
وقال هاميلتون "لا أعلم ما الذي سأقوله لكم...ولكن الإطارات الخلفية لن تصمد". بعد هذه الرسالة، دخل البريطاني إلى منطقة الصيانة للتزوّد بإطارات "سوبر سوفت".
سيارة ريد بُل الثانية لم تصمد لفترةٍ طويل حيث انسحب ريكاردو بسبب مشكلة في علبة التروس. وقد وجد هاميلتون نفسه أمام هواءٍ نظيف مع إطاراتٍ جديدة.
ولكن أخبر البريطاني فريقه في اللّفة 64 بأنه خسر طاقة محرك سيارته. وهذا هو الانسحاب الأوّل لهاميلتون من سباق منذ موسم 2016.
تحليل السباق: كيف تسبّبت مرسيدس بكارثة لنفسها في النمسا
لم يكن من الغريب أن يُشبّه توتو وولف مدير فريق مرسيدس سباق النمسا 2018 بسباق إسبانيا 2016، إذ انتقل الفريق في كليهما من سيطرة مطلقة إلى نتيجة كارثيّة بانسحابٍ مزدوج، لكنّ ما حدث هذه المرّة مكلفٌ أكثر على صعيد آمال الفريق ضمن المنافسة على اللقب.
بدت مرسيدس متّجهة بعد ظهر الأحد لتحقيق ثنائيّة جديدة عقب حجزها لصفّ الانطلاق الأوّل بسيارة تضمّنت حزمة تحديثات كبيرة جاءت بعد أسبوعٍ واحد من تقديم محرّكها المحدّث في فرنسا. لكن بعد 90 دقيقة من بداية السباق، كانت مرسيدس قد أضاعت الصدارة، وتوقّفت سيارتاها إلى جانب المسار، في الوقت الذي حقّق فيه ماكس فيرشتابن فوزًا مذهلًا على أرض ريد بُل وأمام جماهيرها.
أضرّت مرسيدس بنفسها عبر تشكيلة مثيرة من ضعف الموثوقيّة، وشروخ الإطارات، وبشكلٍ أكثر أهميّة فقد ارتكبت خطأً استراتيجيًا كبيرًا آخر. لهذا السبب لم يكن من الغريب أن يقول توتو وولف بأنّ الأحد كان "اليوم الأسوأ" في تاريخ مرسيدس.
إذ أقدم الفريق على خيار لا يُمكن تفسيره تمثّل في عدم إجراء توقّف هاميلتون خلال فترة سيارة الأمان الافتراضيّة التي تمّ اعتمادها نتيجة توقّف سيارة زميله فالتيري بوتاس بسبب مشكلة هيدروليكيّة يعود مصدرها إلى نظام التوجيه، ما زاد من ألم السهام الفضيّة. ومهما كانت المشاكل الأخرى التي تبعت ذلك، خاصة انسحاب هاميلتون بسبب عطلٍ في نظام الوقود، فإنّ ذلك الخطأ الاستراتيجيّ مثّل فصلًا جديدًا في أخطاء مرسيدس الاستراتيجيّة هذا الموسم.
بالعودة إلى بداية السباق فقد سارت الأمور على نحوٍ جيّد. قدّم بوتاس، الذي تفوّق على هاميلتون بـ 0.019 ثانية ليظفر بقطب الانطلاق الأوّل، انطلاقة ضعيفة بعض الشيء قبل أن يعاني من التفاف إطاراته حول نفسها. وباستغلال كيمي رايكونن للتماسك الإضافيّ من إطارات "ألترا سوفت" التي استخدمتها فيراري بالمقارنة مع تركيبة "سوبر سوفت" على سيارات مرسيدس وريد بُل، فقد دفع الفنلندي سيارته بين سيارتَي مرسيدس، وبدا بأنّه قد يكون قادرًا على انتزاع الصدارة.
واضطرّ رايكونن للتراجع كونه كان متخوّفًا بشكلٍ منطقي من الاصطدام بمنافسَيه، ليخرج عن المسار عند المنعطف الأوّل ويعبر على الحفف الجانبيّة العالية. أمّا خلفه فقد تشبّث بوتاس بالخطّ الخارجي وتراجع إلى المركز الرابع خلف فيرشتابن
.أبطأ بوتاس - الذي كان يتواجد على بُعد ثانيتين عن هاميلتون خارج مجال الهواء المضطرب من سيارة البريطاني - سيارته في اللفّة الـ 14. أدّى تسرّب للسائل الهيدروليكي في نظام دعم التوجيه إلى توقّف النظام بأكمله وخسارته للقدرة على تغيير نسب السرعة، وقام الفنلندي بكلّ ما في وسعه من أجل إيقاف سيارته بعيدًا عن المسار وانتهى به المطاف وهو يسير على خطّ أسفلتي على حافة المنطقة الحصويّة عند المنعطف الرابع، ليتوقّف بعد عدم وجود أيّة مساحة أخرى للتوجّه إليها، لكنّ ذلك أطلق نظام سيارة الأمان الافتراضيّة.
وبشكلٍ مدهش لم تستدع مرسيدس هاميلتون لإجراء توقّف. في المقابل فقد توقّفت جميع السيارات الأخرى داخل العشرة الأوائل، ما عدا سيارة هاس الخاصة بماغنوسن الذي بقي على المسار نتيجة مخاوف من وجود مشكلة في بطانيات تحمية الإطارات وسيارة فورس إنديا الخاصة بسيرجيو بيريز الذي كان قريبًا للغاية من زميله إستيبان أوكون لتفادي خسارة الكثير من الوقت في حال إجراء توقّفٍ مزدوج.
وقال وولف: "تمّ اعتماد نظام سيارة الأمان الافتراضيّة، وكان أمامنا نصف لفّة للاستجابة، لكنّنا لم نفعل. خسرنا السباق حينها. التوقّف هو ما تحتاج للقيام به بنسبة 80 بالمئة على الأرجح عند تلك المرحلة من السباق في ظلّ وجود نظام سيارة الأمان الافتراضيّة".
وأكمل: "في ظلّ وجود سيارة واحدة هناك في مواجهة اثنتين، فإنّ تفكيرنا كان: «ماذا سيحدث لو أجرى الفريق الآخر توقّفًا لسيارة واحدة؟»، كنّا لنعود خلف كيمي كونهم كانوا ليتركوه على الحلبة. ماذا كان ذلك يعني بالنسبة للسباق؟ لن أقول بأنّ دائرة التفكير بأكملها شتّتنا، لكنّنا أمضينا الكثير من الوقت في التفكير في ذلك".
وواصل شرحه بالقول: "بالنسبة لي هذا هو اليوم الأكثر إيلامًا ضمن أعوامي في مرسيدس، أسوأ من برشلونة 2016 (عندما اصطدم هاميلتون ونيكو روزبرغ ببعضهما البعض في اللفّة الأولى)".
إذ أنّ الانتقال المفاجئ من السيطرة المطلقة إلى صفرٍ من النقاط في النمسا كان مماثلًا لنتيجة حادثة جائزة إسبانيا الكبرى بين روزبرغ وهاميلتون قبل عامين. لكنّ تلك الحادثة حينها كانت نتيجة سببٍ وحيد – وهو فشل السائقَين في الانضباط – وجاء ذلك في وقتٍ لا تزال فيه مرسيدس متقدّمة بأريحيّة على بقيّة منافسيها. أمّا الآن فالفريق يخوض معركة ثلاثيّة، ليُسفر سباق ريد بُل عن عدّة مكوّنات مثيرة للقلق: أخطاء في الاستراتيجيّة، وإدارة الإطارات والموثوقيّة.
من السهل انتقاد القرارات الاستراتيجيّة في اللحظات الساخنة، لكنّ الحيّز الزمني للتفكير في تلك القرارات كان كافيًا، إذ أبطأ بوتاس سرعته أثناء خروجه من المنعطف الثالث، ما كان يعني بأنّ هاميلتون أكمل معظم لفّته في ظلّ الأعلام الخضراء منذ أن بدأت المشكلة بالظهور على سيارة زميله، قبل أن يتمّ اعتماد نظام سيارة الأمان الافتراضيّة أثناء تواجده بين المنعطفين الثالث والرابع في اللفّة التالية.
تطلّب منه الأمر حوالي 50 ثانية للانتقال من هناك إلى مدخل خطّ الحظائر، أي أنّه حتّى عبر أكثر الحسابات المحافظة، فإنّ مرسيدس تمتّعت بـ 90 ثانية ربّما منذ الوقت الذي بات فيه واضحًا بأنّ سيارة أمان فعليّة أو افتراضيّة باتت محتملة من أجل اتّخاذ قرارها حيال ما يجب القيام به.
لم يكن هناك شيء لكسبه بالنسبة لهاميلتون، لكنّ مرسيدس احتاجت لتقليل فرص الخسارة. ونتيجة عدم إجراء توقّفه فقد ضمنت بأنّ سيارات فيراري وريد بُل ستتوقّف وتضع أنفسها في موقعٍ يُخوّل لها تجاوزه عندما يجري توقّفه في نهاية المطاف.

ماكس فيرشتابن، ريد بُل
تصوير: صور لات
وفي حين أنّ توقّف هاميلتون كان ليسمح لفيراري وريد بُل بكسب الموقع على المسار عبر فصل استراتيجيّتيهما من خلال الإبقاء على سيارة على المسار وإجراء توقّفٍ للأخرى، إلّا أنّه كان ليُمثّل البديل الأفضل. ومن الجدير ذكره بأنّ كريستيان هورنر مدير ريد بُل أصرّ على أنّ سيارتَيه كانتا لتجريا توقّفيهما في جميع الأحوال بصرف النظر عن قرار مرسيدس. أظهر ذلك ارتكاب مرسيدس وقدرتها على عدم القيام بالصواب نتيجة خوفها من ارتكاب الخطأ.
لكن لسوء حظّ مرسيدس فإنّ فترة سيارة الأمان الافتراضيّة كانت قصيرة للغاية للسماح لها بإصلاح الضرر عبر استدعاء هاميلتون في اللفّة التالية كون الأعلام الخضراء عادت عندما كان البريطاني يتواجد عند المنعطف الخامس من اللفّة الـ 16. كان سائق مرسيدس متقدّمًا بـ 13 ثانية عن فيرشتابن عند تلك المرحلة، حيث أخبره مهندسه بيت بونينغتون بأنّه يحتاج لإيجاد 8 ثوانٍ إضافيّة وهو ما أجاب عليه هاميلتون بشكلٍ سلبي.
"لا يوجد هناك وقتٌ إضافيٌ في هذه الإطارات" أجاب هاميلتون عبر اللاسلكي. وبكلّ شجاعة تدخّل جايمس فاولز المسؤول عن الاستراتيجيّات على اللاسلكي ليتحمّل مسؤوليّة الخطأ، حيث قال: "أفهم ذلك، لا نزال معك يا رفيقي، كان ذلك خطئي، لكن قدّم لنا أفضل ما في وسعك".
قبل أن يعود لاحقًا لتكرار ذلك قائلًا: "لقد ضيّعت الفوز".
وضغط هاميلتون بين اللفّتين الـ 17 والـ 24 بأكبر قدرٍ ممكن على إطاراته "سوبر سوفت" القديمة. لكنّه لم يتمكّن من تحقيق أيّ تقدّم، قبل أن يتمّ استدعاؤه في نهاية اللفّة الـ 25 في الوقت الذي كان فيرشتابن لا يزال فيه خلفه بذات فارق الـ 13 ثانية مثل السابق. كان هاميلتون رابع أسرع السائقين على الحلبة في المتوسّط خلال تلك الفترة، وكان أبطأ بـ 0.132 ثانية في كلّ لفّة من السائق الأسرع ريكاردو، وبشكلٍ أكثر أهميّة فقد كان أبطأ بمعدّل 0.129 ثانية من فيتيل.
وفي الوقت الذي كان فيه الألماني قريبًا من الاقتراب بشكلٍ كافٍ لتجاوز سائق مرسيدس عند توقّفه، فقد كان من المنطقي أني يجري هاميلتون توقّفه حينها ويعود في المركز الرابع على إطارات "سوفت" خلف فيرشتابن، ورايكونن، وريكاردو، لكنّه عاد أمام فيتيل الذي ألمح بأنّه ربّما كان قادرًا على القيام بالمزيد لو تمّ إخباره بوضع السباق حينها.
"هل أنا رابعٌ الآن" قال هاميلتون عبر اللاسلكي بعد توقّفه. كانت الخطّة تقضي بمحاولة التعافي والتقدّم مجدّدًا، لكن بالنظر إلى أنّ الشروخ على الإطارات الخلفيّة أثّرت على السائقين الذين كانوا يضغطون بقوّة على وجه الخصوص، هاميلتون وريكاردو بالأساس، فقد ازداد الوضع صعوبة. جاء ذلك بعد أن أُجبر ريكاردو على التوقّف من أجل الحصول على إطارات جديدة ما أعاده إلى المركز الخامس.

الشرخ على إطار سيارة لويس هاميلتون، مرسيدس
تصوير: صور ساتون
جاءت مشكلة الشروخ مفاجئة للبعض، لكن لم يكن يجب أن تكون كذلك. إذ عندما أجرت الفرق محاكاتها للسباق يوم الجمعة فقد كانت درجات الحرارة التي سجّلتها بيريللي بين 25 و26 درجة مئويّة. أمّا يوم الأحد فقد تجاوزت الـ 40. كما أنّ عدد اللفّات كان أكبر وتآكل الإطارات كان منخفضًا للغاية، ما كان يعني وجود الكثير من المطاط على إطارات "سوفت" على وجه الخصوص ما يُترجم إلى احتفاظها بحرارة أكثر وهو ما يزيد من فرص بروز الشروخ. زد على ذلك مناطق الكبح القاسية والكثير من مناطق الجرّ والمنعطفات المتتالية بين المنعطف الرابع ونهاية اللفّة، فإنّ هذه المشكلة كانت حتميّة.
وجد هاميلتون نفسه تحت تهديد فيتيل. حصل سائق فيراري على خروج جيّد من المنعطف الأوّل وعبر بشكلٍ طفيفٍ على العشب عند المنعطف الثاني ليُكمل المحاولة عند المنعطف الثالث الحاد. كان ذلك مثيرًا كونه بدل الكبح بشكلٍ مفرط، فقد حافظ الألماني على خطٍ أوسط وأخّر انعطاف هاميلتون قدر الإمكان من أجل ضمان ضغطه على دواسة الوقود أبكر وحفاظه على مركزه الثالث.
انتهى سباق هاميلتون حينها، حيث اضطرّ للتوقّف مجدّدًا ما أطاح به إلى المركز الخامس خلف ريكاردو. كانت لديه جميع الفرص لتجاوزه، لكن تبيّن بأنّ ذلك غير ضروري بعد إبطاء سيارة ريد بُل سرعتها على الخطّ المستقيم الرئيسي نتيجة مشكلة في العادم. وازداد الطين بلّة بالنسبة لمرسيدس عندما أوقف هاميلتون سيارته نتيجة فقدانه لضغط الوقود.
وفي الوقت الذي انتهت فيه مغامرة مرسيدس، فقد كان الوضع جيّدًا في المقابل في معسكر ريد بُل وفيرشتابن. إذ بعد أن انتزع الصدارة على إثر توقّف هاميلتون، كان الهولندي متقدّمًا بـ 3.9 ثانية على ريكاردو، و1.5 ثانية إضافيّة على رايكونن.
وكان ريكاردو قد تجاوز رايكونن خلال مرحلة مبكّرة مستفيدًا من نظام "دي آر اس" بالتوجّه إلى المنعطف الرابع، قبل أن يحدث العكس في اللفّة الـ 38 في الوقت الذي كان فيه ريكاردو يعاني من شرخٍ حاد في إطاره الخلفي الأيسر. كان فيرشتابن يتحكّم في الصدارة بأفضليّة 7.4 ثانية أمام رايكونن.
تقلّص ذلك الفارق إلى 5.8 ثوانٍ عندما انسحب ريكاردو في اللفّة الـ 54، ما دفع ريد بُل إلى خفض طاقة محرّك رينو على سيارة فيرشتابن من أجل التقليل من فرص وقوع مشكلة مماثلة. سمح ذلك لرايكونن بالاقتراب ليعبر خطّ النهاية بفارق 1.504 ثانية عن الهولندي في اللفّة الـ 71 بعد أن سجّل الفنلندي أسرع لفّة في السباق خلال اللفّة الختاميّة.
"الفوارق في الفورمولا واحد ضئيلة للغاية" قال كريستيان هورنر مدير فريق ريد بُل، وأضاف: "حدث تلامس مع كيمي، وقبل بضعة سباقات مضت كان ذلك ليُحدث ثقبًا وكانت القصّة لتختلف. عانى ماكس من ثُلثٍ أوّل قاسٍ من الموسم، وللإشادة به فقد حافظ على تركيزه خلال السباقات الثلاثة الأخيرة، حيث حلّ ثالثًا، ومن ثمّ ثانيًا، والآن أوّلًا، عبر قيادة مثيرة".
وفي الوقت الذي تواجد فيه في الصدارة وكان متحكّمًا بالسباق، بدل محاولة اللحاق بالمتصدّر، فقد ساعده ذلك على التقليل من فرصة حدوث شروخٍ على إطاراته. أظهر الهولندي خلال فوزه الأوّل في إسبانيا 2016 والنمسا قدرته على إدارة الإطارات والإبقاء على حرارتها منخفضة.
حصل فيرشتابن على فرصة بعد انهيار سباق مرسيدس، لكن تعيّن عليه بذل جهدٍ من أجل الظفر بالفوز كون رايكونن كان يتربّص به طوال الوقت.
تعيّن عليه الموازنة بين رغبته بالهجوم في أوقات حاسمة وعدم المجازفة بناءً على متطلّبات السباق، وهو ما فشل في القيام به في عدّة سباقات هذا الموسم، لكنّه فعل ذلك بنجاحٍ هذه المرّة ليُحقّق فوزه الأوّل في 2018.
وفي حين أنّه يُواصل القول بأنّه لم يُغيّر مقاربته للتسابق بعد مشاكله في القسم الأوّل من الموسم، إلّا أنّ سباق النمسا أكّد بأنّ الهولندي غيّر مقاربته بالفعل، وكانت نتيجة ذلك مبهرة.
الفائز ماكس فيرشتابن، ريد بُل ريسينغ